علاج التأمل الواعي – اليقظة الذهنية, هل يتعارض مع الشريعة الإسلامية ويناقضها؟

المدربة د. منال كمال

  • 2025-04-23

بواسطة مجلة MAM

 

هل جلسات التأمل باليقظة الذهنية تتعارض أو تناقض تعاليم الشريعة الإسلامية؟؟

 

العلاج بالتأمل الواعي لعامة الناس، ولأطفال وبالغي تشتت الانتباه وفرط النشاط خاصة. شرائح كبيرة من المتدينين المحافظين يرفضونه ويدخلونه في الشرك بالله، نعوذ بالله من ذلك. 

 

التأمل باليقظة العقلية- Mindfulness Meditation

  ما هو؟

 

هو إفراغ العقل من الأفكار والعمل على إطالة هذه المدة تدريجياً، وهو منتشر في الغرب وفي الثقافات الأخرى

منذ زمن، ويمارس على أنه رياضة للعقل ولكن دون أي معتقدات دينية وقد أثبت العلم فوائده الكثيرة على الصحة

والعقل كزيادة القدرة على التركبز والمساعدة على تخفيف القلق والتوتر وتخفيض ضغط الدم وزيادة جودة النوم

ومعالجة الإدمان والعديد من الفوائد الأخرى المثبتة علمياً.

 

 

إذاً، ما هو حكم التأمل!؟ 

لقد بحثتُ لكم في حكم التأمل، فما حكم التأمل الذي يقوم على تركيز العقل على فكرة محددة كالتنفس مثلا أو مراقبة أفعال الجسد ونشاطاته العقلية والمشكلة أن أصل هذه التمارين هو البوذية والهندوسية فهل يجوز القيام بها بعد أن أثبت العلم فوائدها بدون أي معتقدات دينية مع العلم أنها لا تتضمن عبادة لغير الله أو سجود للشمس أو الانحناء أو التحية وما إلى ذلك…

أم أن ممارستها تعتبر تشبها بالكفار!!؟؟

 

فإذا كنا علي استعداد للتعمق في تنمية أذهاننا، في تحسين الوظائف التنفيذية المسؤولة عن أداء المهام الأكاديمية والمهام الصعبة والمملة سنفكر بالتأمل الواعي،الذي هو برأيي وبقناعتي الشخصي كمدربة وباحثة في هذا المجال هو عبادة التفكر والنظر….

فهل في هذه الحالة التأمل يتعارض او يناقض تعاليم الشريعة الإسلامية؟؟ بالطبع لا.

 

قال وهب بن منبه الصنعاني من أشراف اليمن رحمه الله، وهو تابعي جليل من الطبقة الثالثة من التابعين، له معرفة بكتب الأخبار الأوائل وإخباري قصصي يعد أقدم من كَتب في الإسلام روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومحمد بن ماجة في التفسير وتعلم على يد حبر الأمة عبدالله بن عباس وروى عن أبي هريرة وعبدالله بن عمرو بن العاص وأبي سعيد الخدري

قال: (ما طالت فكرة امرئ قط إلاّ فهم، ولا فهم امرؤ قط إلاّ علم،  ولا علم امرؤ قط إلا ّعمل)

قوله هذا يدل على التأمل لأن إطالة الفكرة والنظر فيها هو التأمل، والفكر هو مبدأ أي عمل والإنسان إنما يعمل عادة بعد أن يجيل فكره وبعد أن ينظر ثم بعد ذلك يقدم على العمل

لذلك قول الله تعالى (إن في خلق السموات والأرض لآيت لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) فبعد أن تفكروا عملوا فسألوا الله الجنة واستعاذوا به من النار

وقوله تعالى عن سيدنا إبراهيم عليه السلام  من سورة الأنعام: (فلما جن عليه الليل رأى كوكباً، قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الأفلين) تأمل  (فلما رأي القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من الضالين) هنا احتار وجلس يفكر ويطلب الهداية

 ( فلما رآي الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون) تأملات أوصلته لإدراك الحقيقة، وعندما أدرك الحقيقة اتبع الحق ودعا إليه، وهي دعوة جميع الأنبياء للتوحيد. فقال عليه السلام (إني وجهت وجهيَ للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) وهذا ما ينطبق تماماً على جميع أمور حياتنا، وكثير من خواتيم الآيات تتحدث عن التأمل أفلا يتفكرون، أفلا يتدبرون، أم على قلوب أقفالها.

 وكتاب الله العظيم ليس بمخلوق فهو متجاوز للزمان والمكان بمعنى أنه يصلح لكل زمان ومكان،

وكما ذكر الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية في لقاءٍ له، قال: “الذين يريدون أن يجعلوا القرآن تأريخي، أنه كتاب من التاريخ يريدون أن يجعلوه محصور في زمن نزوله فمالنا حاجة به في هذا العصر. والقرآن هو مصدر المعرفة وأرشدنا اليه الله سبحانه وتعالى لنتأمل ونتفكر ونتدبر وبالنظر (قل سيروا في الأرض فانظروا)

 وقد ذكر بعض علماء الدين الاسلام أن الناس عندما دخلوا في دين الله من مشارق الأرض ومغاربها كانت لديهم تجارب روحية قديمة  كاليوجا والتأمل وتجارب أهل التبت والبوذيين والهندوك فعندما دخلوا كلهم في الإسلام كانت الأمور واضحة امامهم بأن خالق الأكوان هو الله وأنه ليس كمثله شيء وانه يدرك الابصار ولا تدركه الابصار وأنه فعّال لما يريد ويعرفون الفرق تماما بين المخلوقات وخالق الاكوان،، لذلك عندما دخلوا الإسلام كان معهم تجارب عرفوا كيف يأخذون منها تجارب الواقع وكيف يتقيدون بالجزء المعياري الذي نزل به الوحي”.

 “اليوجا عند غير المسلمين لهم عقائد أخرى بها، تخالف عقيدة المسلمين وهو انهم يعتقدون أن هناك طاقة كبيرة للكون جعلوها في هذا السياق توضع مكان الله ومن هنا يأتي التدليس” ولكن التأمل أو الميديتيشن لا يؤدي للشرك بالله أو الخروج من الملة،،

 ويستطرد الدكتور علي جمعة في حديثه قائلاً : “فممن لهم تجارب قبل الإسلام قاموا بتنقية هذه التجارب أخذوا الجانب الكوني، الوصفي وجانب التجربة الإنسانية وجعلوها تحت ظلال الكتاب والسنة  فساروا في هذا الطريق وجربوا الأسماء الحسنى وجربوا كيفية الذكر وبنوا من هذه التجارب ما يحمي العابد وهو في طريقه الى الله من الانحراف الذي نهى عنه رسول الله،  فإذا وافق الكتاب والسنة أخذوا به وإذا لم يوافق تركوه. أما فكرة ان الكون طاقة عظمى كونية  يأخذ منها الإنسان وهي تحل محل الله فلا يجوز”.

 “فكما ذكر الحكماء: ( ثلاثة يجلين الحزن: الماء والخضرة والوجه الحسن وهي تجربة إنسانية. فالمسلم يأخذ التجربة الإنسانية باعتبارها تجربة وصفية ويدخلها تحت ظلال الكتاب والسنة فإن اتفقت معها وكانت من دائرة المباح المتاح فبها ونعمت، وإذا لم تتفق معها رُدّت لانها تخالف الأوامر الربانية  والتوجهات النبوية”.

 فالتحريم أصلا في العبادات وليس في المعاملات ولا في الوسائل التعليمية ومع ذلك نحذر من عدم الإكثار منها لان أي شي في الحياة نكثر منه لا ينفع ويضر، فأي شي يزيد عن حده ينقلب لضده وسيضر بالتأكيد، ولكن لا نقول للناس أنها محرمة وهي ليست محرمة، ونشككهم في دينهم وعقديتهم وننهاهم حتى عن ذكر المصطلحات أو المسميات بدون إعمال الفكر، وأنا أرى أن هذه مصيبة وكارثة ترجع بنا للجهل والتعصب وديننا أمرنا بالعلم.  والتفقه في الدين أصلا ماهو الا الحث على العلم لنفهم ديننا بالشكل الصحيح ولا نلبسه لباس الجهل والتأخر والعالم من حولنا يكتشف ويتقدم.

وبرأي أقوال العلماء العرب المسلمين من عدة دول عربية ودكاترة الشريعة الإسلامية في دول العالم الإسلامي أن سلطة الشريعة تبقى في القطعيات والمحرمات والشركيات، في الخرافات الظاهرة واكل أموال الناس بالباطل  وأجمعوا على أنه لا يصح ألاّ يكون هناك مجال للبحث العلمي والبحث التجريبي لنكتشف علاجات ونحقق أهداف وإلا فلن يصل العلم إلى مراده وسنقتل ألاف الطرق التجريبية والتدريبية الابتكارية والإبداعية بحجة أن هذا غير معروف إذا فهو حرام، ونحكم على من فعله بأنه دجال وكاذب مما يمنع حقيقة الابتكار.

لذلك الخشوع والتدبر لا نستهين بهم في علاج اضطراب نقص الانتباه والفرط الحركي والامراض النفسية والاضطرابات الأخرى كالقلق والنوم وغيرها.

 

مؤسسة مجلة MAM

هاشتاج:

أنشر :

اقرأ ايضا

  • مارس 24, 2025
بواسطة MAM   معظم البالغين الذين يعانون من ADHD كانوا يكرهون المدرسة ويتمنون لو أنها لم تُنْشأ وفي ذات الوقت يتمنون...
  • مارس 22, 2025
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه: نظرة عامة (دكتور وليام دودسون، دكتور في الطب، LF-APA)   بواسطة MAM    اضطراب فرط...
  • مارس 18, 2025
بواسطة MAM     الوراثة: اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو حالة وراثية للغاية. ما يقرب من نصف الآباء الذين يعانون...
  • مارس 13, 2025
كيف يتم تشخيص اضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط؟ علاماته وأعراضه. وكيف تحصل على التشخيص؟   بواسطة MAM   لا يمكن...
error:
Open chat
مرحبا👋
كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟